خطوات تخارج الشريك من الشركة – فض الشراكة

يملك الشريك في الشركة حصة على المشاع، “على المشاع” تعني أن حصته في الشركة لا يمكن تحديدها في جزء معين كعدد منتجات مثلا ومن ثم فصلها والاستقلال بها بعيدا عن الشركة، فهو شريك في اسم الشركة وقائمة العملاء والأصول التي تحققت بالأرباح الخ وكلها أمور لا يمكن تحديد جزء خاص به منها وإنما هي مشتركة بين الشركاء، ولأن هذا الأمر غير مفصل ولا يوجد فيه عُرف سليم سائد فقد عملت عليه من خلال احتكاكي بمئات الحالات المتنوعة من استشارات الشركاء في السنوات السابقة وحتى الآن ومن خلال مراجعتي الدائمة للشرع وفقني الله في تطوير الآلية التالية لتكون مرجعا قابلا للاستخدام عندما يقرر أحد الشركاء فسخ / فض الشراكة والخروج من الشركة..

الخطوة الأولى: التفاوض والتراضي

يبدأ الأمر بأن يقيّم الشريك المتخارج حصته كما يرغب ويعرض سعرها على بقية الشركاء، ويأخذون بدورهم وقتا للتفكير والرد على العرض بعرض بديل، ومع التفاوض قد يصلون إلى الاتفاق على سعر مرضٍ لهم جميعا فيتفقون بعده على مدة الدفع وتواريخ الدفعات، وبهذا لا تكون هناك حاجة إلى الخطوات التالية، أما إذا لم يصل الشركاء إلى سعر مناسب للجميع أو لم يرغبوا في شراء الحصة في الأساس فينتقلون إلى الخطوة الثانية.

الخطوة الثانية: التأكد من عدم وقوع ضرر على بقية الشركاء

من المهم دراسة وضع الشركة وقت طلب الشريك فض الشراكة للتأكد من عدم وقوع ضرر على بقية الشركاء، كأمثلة من الحالات التي فيها ضرر أن تكون الشركة قد أخذت خطوات في مشروع ما وأصبحت في منتصفه وإذا قرر الشريك التخارج الآن فسوف يضيع هذا المشروع، في هذه الحالة يجب عليه تعويض الشركاء عن الربح الذي كان متوقعا وضاع بسبب خروجه في هذا الوقت.

الخطوة الثالثة: مراجعة اتفاقية الشركاء

يقول الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود”.. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم “المسلمون على شروطهم”.. وانطلاقا من هذا التوجيه الشرعي نسأل أولا أهناك عقد اتفاق شفهي أو مكتوب؟ فإذا لم يكن هناك عقد تعاملنا مع الخطوات التالية كما هي، وإلا فننظر إلى ما اتفق عليه الشركاء ونزنه بميزان الشرع ثم ميزان العرف السليم، فما كان فيه حلالا ظل نافذا، وما لم يكن كذلك أبطلناه ونظرنا فيه أهو مما يبطل العقد أصلا أم لا.

فالأصل -مثلا- أن يتمكن الشريك من الخروج في أي وقت حقا أصيلا نابع من كونه مالكا للحصة، إلا أن أول ما ننظر إليه في حال طلبه للخروج هو هل هناك اتفاق مسبق على عدم خروج شريك من الشركاء لمدة محددة أم لا، إذا وجد هذا الشرط وكان لا يزال في تلك الفترة امتنع خروجه لأنه تنازل عن حقه طواعية عند التعاقد، مع ملاحظة أنه لا يجوز اشتراط عدم خروج شريك للأبد.

كذلك من حقه أن يبيع حصته لأي شخص يوافق على الصفقة، فإذا كان بينهم اتفاق بأن يكون البيع للشركة فقط أو للشركاء في الشركة التزم الشريك بذلك بسعر يرجع للقيمة السوقية للشركة وللتفاوض بينه وبين الشركاء.

من جهة أخرى فاتفاق الشركاء على اشتراط موافقتهم جميعا أو أغلبهم على بيع أحدهم حصته اتفاق باطل لأنه قد يؤدي إلى منعه من بيع حصته تماما وهذا أمر لا يجوز. كما أن اشتراط بيعه حصته لهم في نفس عقد الاتفاق الخاص بالشراكة لا يجوز لأنه لا يجوز الجمع بين عقدين في عقد واحد (فيكتب عقد الشراكة ويكتب وعد بالبيع مستقلا عنه). أيضا لا يجوز الاتفاق في عقد الوعد بالبيع على قيمة محددة للحصة دون استدراك ذلك بمقارنته بقيمة الحصة وقت البيع لأنه إذا كانت هناك خسارة فأصبحت قيمة الحصة أقل من رأس المال فلا يجوز ضمان الخسارة.

يتحكم عقد الشراكة في كيفية التخارج كما يتضح من الأمثلة السابقة، ومن هنا تظهر أهمية الانتباه إليه ومناقشة كافة الأحوال للتوافق بشأنها وكتابتها عند بدء الشراكة.

الخطوة الرابعة: تقييم الشركة

إذا كانت الشركة فعالة قد نزلت إلى السوق وعملت به وحققت مبيعات وتنوي أن تستمر في العمل فيجب تقييم الشركة لمعرفة ما تساويه وبالتبعية ما تساويه حصة الشريك المتخارج، وهذا التقييم يجب أن يتم بطريقة سليمة تتلافى العيوب الشائعة في سوق التقييم من اعتماد طريقة القيمة الحالية للنقود استنادا إلى توقعات السنوات المقبلة فقط، ومن استخدام لمعاملات تقييم ومضاعفات تقييم بعينها لأنها تحقق مصلحة شخصية لأحد الطرفين، ومن عدم إضافة صافي الأصول إلى التقييم.

بعد هذه المرحلة من التقييم ومعرفة قيمة الشركة مضافا إليها صافي الأصول (الأصول – الالتزامات) يُطرح منها رأس المال الذي دفعه الشركاء لأنه يظل حقا لهم يستردونه عند التخارج فتظهر قيمة الشركة المناسبة للتخارج.

الخطوة الخامسة: عرض الحصة للبيع

يعرض الشريك المتخارج حصته على من يريد خارج الشركة وعلى الشركاء بعد أن يعرف قيمة حصته، وله أن يحدد سعر البيع باستقلالية عن قيمة التقييم حسب ما يراه من ظروف السوق، إلا أن الحد الأعلى للسعر يجب أن يكون مقيدا بالتقييم لأنه إذا عرض الحصة بسعر مبالغ فيه وأوجد هو من يشتري به خارج الشركة فقد يؤدي هذا إلى مفسدة من اثنتين: قد يكون قد نقل صورة خاطئة عن الشركة (بغير قصد) أو غرّر بالمشتري المحتمل وهذا غش، وقد يكون قد اتفق مع منافس للشركة على دخول الشركة رغماعن بقية الشركاء الذين لا يرغبون (أو لا يستطيعون) في الشراء بهذا السعر المرتفع.

إذا وجد مشتريا بسعر مناسب فعليه أن يبلغ به الشركاء عن طريق وسائل التواصل المتفق عليها في العقد ويمهلهم المدة المتفق عليها للرد وإبداء الرغبة في الشراء بهذا السعر، وهذا ما يسمى بحق الشفعة. إذا لم تكن هناك مدة متفق عليها بينهم فالمدة المنطقية أسبوعان إلى شهر لا أكثر من ذلك، فإذا أبدوا رغبتهم في شراء الحصة خلال تلك المدة التزم بالبيع لهم وانتهى الأمر، وإلا باع للمشتري الخارجي.

يفضل أن يضع الشريك المتخارج لنفسه تاريخ نهاية لهذه المرحلة بحيث ينتقل إلى الخطوة الخامسة إذا لم يوفق في إيجاد من يشتري حصته ولم يكن أحد الشركاء مهتما بشرائها على السعر المطلوب قبل ذلك التاريخ.

الخطوة السادسة: شراء الشركة للحصة

تختلف هذه الخطوة عن الخطوة السابقة (وهي شراء بعض الشركاء أو كلهم للحصة) في أن الشركة هنا هي التي تشتري الحصة وتدفع قيمتها من أصولها وأرباحها لا من مال الشركاء الخاص، فتكون النتيجة أن تنكمش بمقدار تأثير المبالغ المدفوعة للشريك المتخارج مما قد يؤثر على عملها، وذلك في مقابل ميزة أن أحدا من الشركاء لم يضطر للدفع من جيبه هو.

تتفاوض الشركة -ممثلة في الشركاء أو في مجلس الإدارة- مع الشريك المتخارج على سعر الحصة وطريقة سداد المبلغ، ويشترط أن يكون السعر مساويا لنصيبه من صافي الأصول على الأقل إلا إذا وافق هو طواعية على أقل من ذلك، وعند الوصول إلى اتفاق يتم الأمر بالتنفيذ. وتزيد الفائدة في هذه الخطوة لو كان للشركة مجلس إدارة بمفهومه الأوسع من مفهوم اجتماع الشركاء، في مجلس الإدارة يكون هناك أعضاء مستقلون من رجال أعمال واستشاريين ومديرين ماليين ويكون التصويت على القرارات بأغلبية الأصوات، وهذا يتيح عدم انفراد الشركاء بتحديد السعر المناسب للحصة ومدة الدفع، ويحيّد التحزّب الذي قد يكون موجودا تجاه الشريك المتخارج أو غيره.

أما إذا لم يحصل الاتفاق على شراء الشركة للحصة فلا مفر من الذهاب للخطوة السادسة.

الخطوة السابعة: بيع الشركة أو تصفية الشركة لإخراج حق الشريك

انطلاقا من المبدأ الشرعي في إجبار الورثة على بيع الأصل الذي تكون ملكيته على المشاع إذا طلب أحدهم بيع حصته، يجد الشركاء أنفسهم أمام هذا القرار الصعب ببيع الشركة إذا كان ذلك متاحا وكانت قابلة للبيع، قد يكون ذلك بسبب وجود قائمة عملاء ممتازة أو سمعة طيبة أو فريق عمل مميز أو ما شابه، فتعرض على المشترين المحتملين ويدخل الشركاء في تفاوض معهم إلى الوصول إلى أفضل عرض وقبوله. فإذا كان السعر يغطي رؤوس أموال الشركاء أخذ كل منهم رأس ماله ثم قسموا ما بعد ذلك حسب الحصص، أما إذا لم يكن يغطي رؤوس الأموال اقتسموه قسمة غرماء كل حسب حصته في رأس المال، وهذا يجيب على السؤال الشائع كيف يتم احتساب نصيب كل شريك عند فض الشراكة.

إذا لم يكن ذلك متاحا أو لم تتمكن الشركة من إيجاد مشتر انتقل الشركاء إلى الخطوة الثامنة والأخيرة والتي غالبا ما تمثل خسارة لهم جميعا.

الخطوة الثامنة والأخيرة: تصفية الشركة

يذهب الشركاء إلى فض الشراكة ويصفّون الشركة ويجردون موجوداتها ويسددون التزاماتها من الموجودات ثم يشرعون في إعطاء كل شريك حقه من المتبقي بطريقة التقسيم المذكورة في الخطوة السابعة.

ملاحظات

تظهر من الطريقة أهمية ما يلي:

  1. اتفاق الشركاء على كل شيء عند بدء الشراكة وكتابة عقد الشراكة.
  2. وجود مجلس إدارة في الشركة مكون من الشركاء بالإضافة إلى استشاري / رجل أعمال أو أكثر ومدير مالي كلهم مستقلون.
  3. التعامل بالإحسان بين الشركاء لا بالتمسك بما يؤمن كل طرف به أنه الحق من وجهة نظره، في الحديث الشريف المتفق عليه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إنَّ رجلًا كان فيمن كان قبلَكم أتاه المَلَكُ ليَقبِضَ رُوحَه، فقيل له: هل عَمِلتَ من خيرٍ؟ قال: ما أعلَمُ، قيل له: انظُرْ، قال: ما أعلَمُ شيئًا غيرَ أنِّي كنتُ أبايِعُ النَّاسَ في الدُّنيا وأجازيهم، فأُنظِرُ الموسِرَ، وأتجاوَزُ عن المُعسِرِ؛ فأدخَلَه اللهُ الجنَّةَ.”
  4. الاستعانة بخبير لتقييم الشركة ومراجعة عقد الاتفاق ووضع العُرف فيما لم يتفق عليه وإبداء الرأي والوساطة بين الشركاء أو التحكيم بينهم، ونحن نقدم هذه الخدمات في خضر وبزنس: اتصل بنا.

بهذا نكون قد أجبنا على سؤال كيف يتم احتساب نصيب كل شريك عند فض الشراكة.

آخر تحديث في 15-02-2025

FacebookTwitterLinkedInYouTubeWhatsApp