بخلاف الطلاب وحديثي التخرج فغالبا ما يبدأ رائد الأعمال العمل على فكرته كمشروع جانبي دون أن يترك وظيفته الأساسية، وذلك لضمان استمرار الدخل وتجنبا للخسارة الفادحة في حال توقف المشروع، ولكن هذا السؤال المطروح يؤرقه ويلح عليه لتخوفه من أن يكون عليه ترك وظيفته والتفرغ التام للمشروع في وقت معين وإلا فقد يتسبب وضعه الحالي في فشل المشروع.. إذا كانت هذه المقدمة تنطبق عليك فهناك حالتان ينبغي أن تترك فيهما وظيفتك وتتفرغ لمشروعك في الوقت المناسب كالتالي:
الحالة الأولى: فكرة مؤكدة وخطة مكتملة وموارد كافية
إذا كنت قد تأكدت من أهمية فكرتك للعملاء المستهدفين بها، تلك الفكرة التي نبعت من عملك لعدة سنوات في مجالها نفسه، وحصلت على آراء جعلتك أكثر شجاعة في الاستمرار، وربما على تعهدات بالتعامل (في حالة الأعمال الموجهة للأعمال B2B)، وإذا كنت قد أعددت خطة العمل لمدة عام أو عامين، وأصبحت الأمور واضحة بالنسبة لك في خريطة السوق وحجمه، وفيما ينبغي عمله على صعيد تخصصات الشركاء والموظفين وخطة إعداد المنتج والخطة التسويقية والتوقعات المالية بحساب المصاريف والدخل، وإذا كنت قد تمكنت من العثور على الشركاء ذوي الخبرة اللازمين لإنشاء المشروع وتشغيله، وعلى الحصول على التمويل الكافي لتنفيذ خطتك (خاصة من متخصصين في مجال المشروع)، فلا معنى لاستمرارك في الوظيفة الحالية! بما أن كل شيء جاهز فيجب أن تبذل قصارى جهدك لأن سرعة العمل في الـstartup مطلوبة لتصل إلى أفضل طريقة عمل قبل أن ينتهي رأس المال المتاح..
الحالة الثانية: بدأت تقصّر هنا و/أو هناك
لنستعرض جزءا من رحلة تأسيس المشروع سريعا، عندما تبدأ مشروعك (أثناء عملك في شركة مستقرة) فغالبا ما يكون من السهل عليك التخطيط للخطوة التالية والعمل على تنفيذها في وقت فراغك -أنت وشركاؤك إذا كان معك شركاء-.. الخطوات الأولى تتعلق بالفكرة وتحتاج إلى بعض اللقاءات معهم، بعد ذلك استطلاع رأي العملاء المستهدفين ويحتاج ذلك إلى اتصالات واجتماعات، ثم تحديد تفاصيل المنتج/المشروع، ولا يزال وقت الفراغ كافيا.. بعد ذلك يبدأ بناء المشروع بالفعل، وهذا يحتاج إلى التنظيم والمتابعة والتجربة، مما يعني وقتا أطول في العمل، وشيئا فشيئا تتضح معالم المشروع ويكون من الضروري البدء في التسويق و/أو المبيعات، وهذه الخطوة تحتاج وقتا أطول بكثير واجتماعات قد تتعارض مع أوقات العمل، كما أن مشاكل المنتج نفسه تكون قد بدأت تظهر وأصبح مهما تنظيم ومتابعة الإصلاح والتطوير فيه، وهذا يستغرق وقتا وجهدا.. الخطوة التالية تحتاج إلى مقابلة المرشحين للانضمام للمشروع كموظفين واختيار بعضهم وتعريفهم بمهامهم وإدارتهم.. ويتبعها البحث عن مصادر للتمويل في الفترة الجديدة، والاجتماعات المتكررة من أجل ذلك، وتجهيز الملفات المطلوبة، وهكذا مما يتطلب وقتا وجهدا أكبر.. ثم الخطوة التي تليها.. الخ..
في أي خطوة من الخطوات التي تمر بها في مشروعك سيكون لديك مؤشران: مدى إيفائك بمهام وظيفتك، ومدى إيفائك بمهام مشروعك.. سيأتي عليك وقت لا تتمكن فيه من أن تعطي كلا العملين ما يستحقه: فإذا وفيت بمهام وظيفتك فستقصر في مهام مشروعك، والعكس صحيح، وإذا استمر هذا الوضع فستبدأ في التقصير هنا وهناك، وهذا لن يكون جيدا لأي منهما.. لهذا ستعرف أنت وشركاؤك الوقت الحاسم للتفرغ للمشروع بشكل كامل، عندما تكثر الملاحظات السلبية والمعاتبات بسبب تأخر أحد العملين، وتتراكم الأعمال المطلوبة في أي من الوظيفتين، مما يعني أهمية وجودك بوقت أكبر وجهد أكبر، وقتها غالبا ما يكون المشروع قد بدأ يأخذ شكلا أكثر نضجا، وظهرت له بوادر القبول من العملاء، مما يجعل القرار أسهل..
لكن.. عندما تترك عملك إياك أن تحرق المراكب خلفك! لا تترك العمل وهم يقولون إنك مهمل، لا تتعامل مع الإدارة بشكل متعال أو مستغن، اترك العمل بأفضل طريقة ممكنة، وحافظ على علاقاتك بمن هم في مجال الوظيفة، فمن الوارد أن تحتاج إلى العودة (سواء إلى نفس الشركة أو إلى شركة أخرى) ووقتها ستفيدك تلك العلاقات والسيرة الطيبة..
Last Updated on 08-07-2020