من اكثر المشاكل التي اشاهدها مشاكل الشراكة بين مؤسسي المشاريع وبين بعضهم البعض، لم اكن اتصور ان هذه المشاكل شائعة ومتكرر بهذا الشكل من قبل.. فيما يلي رصد لاشهر الاسباب التي تؤدي الى هذه المشاكل لتوضيح كل منها واثرها على الشركة وعلى المؤسسين مستقبلا., ولنتفق مبدئيا على انه من الخطأ ان ندع سعادتنا وتفاؤلنا باستعدادنا للدخول في مشروع سويا يعمينا عن اهمية ان تكون كل الامور واضحة تماما، لان ما يتم الاتفاق عليه وقت وجود فكرة لا تزال قيمتها صفرا قد لا نكون سعداء به عندما تصبح قيمتها 10 مليون.
1) عدم الاتفاق على موقف اجتماعات مناقشة وتطوير الافكار
عندما يفكر المؤسس في فكرة ويجتمع باصدقائه او الاشخاص الذين يتوسم فيهم امكانية معاونته على تنفيذها تدور بينهم الكثير من النقاشات التي تؤدي الى تقوية الفكرة وتطويرها الى شكل قد يختلف حتى عن الشكل الذي بدأت به. وعندما يبدأ التنفيذ بعد فترة ويتم تحديد النسب تحدث مشكلة نتيجة ان صاحب الفكرة يتصور ان فكرته هي ملك له فقط وله ان يأخذ نسبة الشراكة الخاصة بالفكرة له وحده، ومن شاركوه في تطوير الفكرة يتصورون ان لهم حقا في الفكرة لانهم ساهموا بوقتهم وجهدهم في تطويرها، وقد يحدث ان يعطي المؤسس جزءا من نسبة الفكرة للاخرين ثم يشعر فيما بعد ان هذا غير منصف له.
ايضا: اذا لم يتم تنفيذ الفكرة وقام احد المشاركين في الاجتماعات بتنفيذها فقد يعتبره آخر خائنا لانه اخذ الفكرة ونفذها.
لتلافي هذه المشاكل يجب ان يتفق الجميع في اول اجتماع على ما يستريحون اليه، من امثلة الاتفاقات: ان هذه الاجتماعات لا تمثل اي التزام من اي نوع ولا مشكلة في ان ينفذ احد الفكرة بمفرده، او: اذا نفذ احد الفكرة بمفرده فلكل من الحاضرين نسبة محددة.. كذلك: ان كل من يشارك في هذه الاجتماعات له حصة محددة في نسبة الشراكة الخاصة بالفكرة، او: ان صاحب الفكرة له بمفرده نسبة الفكرة وله الحق في تحديد نسب المشاركة بالفكرة بعد ان تنتهي الاجتماعات اذا رغب في ذلك.
2) عدم الاتفاق على نسب الشراكة
الشكل العام لمعظم الشركات الناشئة 50-50 او حصص متساوية بين المؤسسين، وهذا في غالبية الاحوال يتم نتيجة علاقات الصداقة وعدم وجود امكانيات متفاوتة لدى المؤسسين وشعورهم بأن كلا منهم يحمل حلم نجاح الشركة على عاتقه وحب كل منهم الخير للاخر.. ودائما يتضح انه كان تقييما خاطئا وتنتج عنه مشاكل شعور بعض المؤسسين بالظلم ويتأثر عملهم بذلك الشعور.
ونظرا لاهمية جزء توزيع نسب الشراكة بين المؤسسين وكذلك لوجود تفاصيل فيه فسوف أفرد له موضوعا خاصا ان شاء الله.
ملاحظة: طبعا من الممكن ان نجد ان النسب متساوية بعد استخدام طريقة تقسيم جيدة، في هذه الحالة يكون القرار مدروسا وليس نتيجة صداقة او تفاؤل.
3) عدم الاتفاق على مسؤوليات كل شريك مؤسس
في خضم الشعور بالاثارة والسعادة والطموح لا يتحدث الكثير من المؤسسين بالتفصيل عن دور كل منهم ولا يتفقون عليه، المعتاد ان يتفقوا على مسمى وظيفة كل منهم ونبذة مقتضبة عن المسؤوليات، وهذا يترك مجالا كبيرا للتأويل، بعد فترة قد يتحدث احدهم عن ضرورة توظيف شخص يتولى مسؤولية ما فيفاجأ بأن الشركاء غير متفهمين لذلك لانهم تصوروا انه سيكون مسؤولا عن كل شيء يخص هذا الجانب.
من المهم الاتفاق على الادوار المطلوبة من كل مؤسس بدرجة من التفصيل، وكذلك على مؤشرات اداء KPIs مناسبة لكل مؤسس: على الاقل ساعات العمل والنتيجة المباشرة للعمل.
4) الاكتفاء بالاتفاق شفهيا وعدم كتابته
لا اعتقد ان هذه النقطة تحتاج الى شرح، من البديهيات ان الاتفاق يجب ان يكتب منعا للاعتماد على الذاكرة وحدها، خصوصا وان الذاكرة تتأثر بالكثير من الاحداث والعواطف والتوقعات والتأويلات مما يتسبب في تغيرها وتحورها. الكتابة حل اساسي لكل شيء نحتاج الى الرجوع اليه مستقبلا.
ملاحظة: عقد الاتفاق الاولي لا يحتاج بالضرورة الى ان يكون قانونيا وان يراجعه محام، هو بشكل اساسي لحفظ الحقوق وتذكر ما اتفقنا عليه، العقد الرسمي لتأسيس الشركة يمكن ان يكون مع دخول اول مستثمر بعد فترة (وطبعا يمكن ان يكون في البداية اذا فضل الشركاء المؤسسون ذلك).. وبعد كتابة عقد الاتفاق يجب ان تكون هناك نسخة موقعة بيد كل طرف من الاطراف.
5) عدم الاتفاق على عواقب عدم الالتزام بالتعهدات
بما ان احدا منا لا يمكنه توقع المستقبل او السيطرة عليه فقد يتبين ان احد المؤسسين لا يقوم بالوفاء بالتزاماته، سواء كانت التزامات بالعمل والمجهود والوقت او بالمال، وقد يفضل احد المؤسسين الخروج من الشركة لاي سبب مثل وظيفة مغرية او هجرة او مشروع جديد او خلاف في وجهات النظر.. في هذه الحالة اذا استمرت الشركة في العمل فسوف يكون من غير المنصف ان يقوم الباقون بالعمل في الوقت الذي لا يزال ذلك المؤسس فيه مبقيا على حصته من الشركة..
الvesting الذي تحدثنا عنه من فترة يحل مشكلة عدم التزام مؤسس ما بالتزاماته من حيث العمل في الشركة والبقاء فيها، لانه سيحرم من حصته بشكل يوازي 25% مقابل كل عام، وبالتالي يتم توزيع المتبقي من حصته على بقية الشركاء.. اما الالتزام المادي اذا كان محددا باوقات معينة فيمكن الاتفاق على ما يحدث اذا لم يتم الالتزام به بطريقة شبيهة، فيتم الاتفاق على حرمان الشريك من نسبة معينة من حصته اذا لم يوف بالتزام دفع ما في وقت ما وتوزيعها على بقية الشركاء.
6) عدم توثيق عقد الاتفاق
بعد اخذ النقاط السابقة في الاعتبار يمكن اخذ خطوة اضافية قد تحدث فرقا كبيرا في المستقبل بشأن حفظ الحقوق وفض المنازعات، بتوثيق العقد عن طريق اخذ حكم صحة توقيع من المحكمة (وهو اجراء روتيني لا يتطلب حضور احد الى المحكمة ويكلف ما اقصاه 1000 جنيه لكنه يستغرق وقتا حوالي 4 شهور) يكتسب العقد قوة قانونية تتيح للجميع العمل في اطمئنان وراحة نفسية لمعرفتهم بان كل شيء مسجل وكل الحقوق محفوظة، فلن يشعر احدهم بالضغط النفسي اذا بدأ آخر بعدم الالتزام بتعهداته او بالتحدث عن ضرورة تغيير النسب دون سبب مقنع (احيانا يحدث ابتزاز) او تأخر آخر عن سداد جزء من رأس المال المتفق عليه.
عندما نسمع آية “وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم” نتصور اننا بعيدون عن هذا التحذير، لكن عندما ينطبق علينا نتمنى لو كنا اخذنا بالاسباب التي تجعل كل شيء واضحا من البداية وتجعل التعامل اسهل وفض المنازعات اسرع.
Last Updated on 08-07-2020