الاستثمار الملائكي والفرق بينه وبين الاستثمار في الشركات العادية

(عزيزي رائد الأعمال: هذه رسالة مفتوحة أرجو أن تمررها إلى أوائل المستثمرين الذين أقنعتهم بمشروعك)

بما أنك مهتم بالاستثمار في هذا المشروع فمرحبا بك في عالم ريادة الأعمال، حيث لا شيء مؤكد إلا حماس الشباب وتجربة الأفكار، وحيث تتحرك الحياة بين الخفوت وبين الصخب جيئة وإيابا في لحظة، وحيث تتحقق الأحلام بطرق غير متوقعة، وتصل إلى فضاءات تفوقها هي نفسها..

مهمة هذه الرسالة هي أن تضع لك الأوراق في الملفات بترتيب يمنحك الراحة النفسية، ويكشف لك الفلسفة وراء الإجابات التي تتلقاها على تساؤلاتك من مؤسسي المشروع ومن العاملين في مجال ريادة الأعمال والشركات الناشئة، ونقدمها كجزء من برامجنا في تدريب الاستثمار الملائكي..

1- فرص الربح والخسارة

تختلف هذه الشراكة عن الشراكة في الأرباح مثلا، ففي حين توفر لك الأخيرة أرباحا شهرية أو سنوية، ويمكنك التوقف واسترداد مالك بعد فترة إذا أحببت.. أنت هنا شريك في ملكية الشركة وفي الأرباح، ومن المعتاد أن تحقق الشركة خسائر لمدة طويلة دون أن يعني ذلك فشلها، وإذا وجدت أرباح فسيتم إعادة استثمارها.. ولا يمكنك استرداد مالك إلا إذا توفر مشتر لحصتك، وعندها يشتري الحصة بما تساويه هي في وقت الشراء لا بما دفعته أنت.. كما أن احتمال الخسارة أكبر لأن درجة عدم التأكد أكبر، فالشركة تحاول أن تنشئ شيئا جديدا وتبحث عن طريقة للكسب من خلاله.. أما الربح فسيكون عند بيع حصتك أو بيع الشركة بالكامل، في وقت تكون الشركة فيه قد نجحت وحققت زيادة كبيرة في قيمتها السوقية..

هل تصدق أن شركة أوبر لا تزال تخسر حتى اليوم دون أن يعتبر ذلك فشلا؟

عندما طلب مؤسس أمازون (أكبر شركة تجارية في العالم الآن) من صندوق الاستثمار التابع لعائلته تمويلا في البداية قال لوالديه “يجب أن تعرفا أن احتمال خسارة المال في هذا المشروع 70%”، وكرر عليهما ذلك في ثاني مرة يطلب فيها تمويلا، ووافقا في المرتين.. هل تعرف كم قيمة شركة أمازون اليوم؟

2- فوائد خطة العمل

سيعرض عليك مؤسس الشركة خطة عمل فيها توقعات المصاريف وتوقعات المبيعات والأرباح، ومجال العمل، والفريق المطلوب، وخطط التشغيل والتسويق، وغير ذلك من الأمور التي تجعلك أكثر تعرفا على المشروع وقربا منه.. خذ هذه الخطة كـ”مؤشر” على ما ينوي المؤسسون عمله، لا كدراسة جدوى مُحكمة لن تتغير أرقامها إلا بمقدار 10% إيجابا أو سلبا (كما هو الحال في المشاريع التقليدية)، لا تتوقع أن يتم عمل كل ما في هذه الخطة على الإطلاق، ولا أن يتم تحقيق الأرقام (رغم أنها ستكون قصيرة الأجل – لمدة عام ونصف أو عامين فقط)، بل قد يضطرون إلى تغيير النشاط في بعض الأحيان..

استفادتك من خطة العمل ستكون في أمور أخرى، إذ ستفهم مجال المشروع، وتعرف ما إذا كان بإمكانك مساعدتهم بما هو أكثر من التمويل (بالعلاقات أو المعلومات مثلا).. أيضا ناقشهم فيها لتستشف من ردودهم طريقة تفكيرهم وخبراتهم ودراستهم للموضوع وجمعهم للمعلومات، وخذ من ذلك مقياسا لتحكم على مقدرتهم على تنفيذ المشروع والاستمرار فيه في أوقاته الصعبة والعبور به وباستثمارك إلى بر النجاح..

من جهة أخرى إذا كان مجال المشروع من المجالات التي مررت بها في حياتك فسيكون حكمك على المعلومات وتوقعات الأرقام جيدا، فلن لا تأخذ شيئا كما هو وإنما ستدرسه وتراجعه وتتحقق منه، فكر في جدوى إنشاء مشروع في هذا المجال، وفي تناسب خبرات فريق العمل للمشروع، وفي صحة المعلومات المذكورة، وفي مدى واقعية الأرقام وإمكانية تحقيقها.. أما إذا لم يكن ذلك مجالا ذا علاقة بخبراتك فابحث واستعن بمتخصصين في المجال ليتولوا ذلك..

3- لا تحزن على حصتك مستقبلا

بطبيعة تعريف الشركات الناشئة بأنها “كيانات تبحث بالتجربة والخطأ والتكرار عن طريقة تحولها إلى شركة ناجحة” تتطلب هذه الشركات جولات تمويلية متتالية، مثلا مرة لبدء التنفيذ، ومرة للنزول إلى السوق، ومرة لاستكمال التجارب، ومرة للتوسع، وهكذا، وبين كل جولة والأخرى ما بين ستة أشهر وسنتين حسب تطور العمل فيها وتطور احتياجاتها.. في كل مرة ستقل حصتك التي اتفقت عليها في البداية بمقدار دخول المستثمر الجديد، في المقابل من المتوقع أن تكون قيمة الشركة في كل جولة أكبر منها في الجولة السابقة لها، مما يعني أن حصتك التي قلت أصبحت ذات قيمة أكبر..

إذا أردت حماية حصتك فيمكنك الاتفاق مع المؤسسين على حق “برو راتا” لتتمكن من المشاركة في تلك الجولات بسداد قيمة توازي حصتك حسب التقييم الجديد في كل مرة وتظل حصتك كما هي، وهذه المشاركة اختيارية، بمعنى أن هذا الحق لا يجبرك على المشاركة إذا لم ترد ذلك..

الشيء بالشيء يذكر: قد تحتاجون إلى تغيير الورق الرسمي مستقبلا عند دخول شركة استثمار أو مسرعة أعمال لأن وجود عدد كبير من الأسماء من شأنه أن يعطل الاتفاقات ويزيد الاعتراضات، غالبا ما تطلب هذه الجهات أن يكون عقد الشركة محدودا من حيث عدد الأسماء، في هذه الحالة تقوم بالحصول على عقد مواز (من الممكن أن يكون “وعدا بالبيع”) ورفعه للقضاء لتأخذ عليه حكم صحة توقيع..

4- مجلس الإدارة والقرارات

إذا كنت ترى أن بإمكانك إضافة فائدة استراتيجية إلى الشركة (بالمشاركة في الأفكار، في التخطيط، بالعلاقات، بتقديم استشارات مالية أو تسويقية أو إدارية، الخ)فيمكنك أن تقترح على المؤسس تكوين مجلس إدارة، هذا الأمر غير معتاد في الشركات الناشئة في شهورها الأولى لكن يمكن الاتفاق عليه وعمله، إذا لقي ذلك قبولا وتم تنفيذه فمن المفيد أن نتفق على التالي:

  • دورك في مجلس الإدارة استشاري فيما يخص القرارات العادية الخاصة بتسيير الشركة وتشغيلها
  • قرارات الإدارة يأخذها المدير وحده ليكون مسؤلا عن نتائجها في النهاية (غالبا يكون هو المؤسس)
  • ليس من حق هذا المجلس معاقبة الإدارة أو تغييرها (بالشكل الذي يحدث في الشركات المستقرة)
  • يمكن الاتفاق على أن تكون بعض أنواع القرارات بالتصويت مع وضع أوزان مناسبة للأصوات حسب حصص الملكية وحسب الخبرة، من هذه القرارات ما يتعلق بالتصرف في ملكية الشركة ببيع جزء من حصة أو منحه لأحد داخل الشركة أو خارجها، وقرارات الاستثمار في مشاريع جديدة داخلية أو خارجية، وقرارات تغيير النشاط بالكامل، وهكذا

5- أرجوك: لا تحاول تحقيق مكسب معنوي أو مادي الآن

من المنطقي أن تحاول أن تربح قدر ما تستطيع من أي اتفاق تدخله، وفي الوقت الحالي لديك ثلاثة عناصر يمكن المناقشة فيها: المبلغ المطلوب للاستثمار، الحصة التي ستحصل عليها من الشركة، مدة وترتيبات الدفع..

  • المبلغ المطلوب للاستثمار: إذا راجعت الميزانية المقترحة واقتنعت بها وبأن كل شيء فيها مطلوب وكل شيء محسوب بطريقة صحيحة، فلا تفكر في تقليل المبلغ، هذا الرقم هو ما “تحتاجه” الشركة للعمل لمدة محددة، إذا حصلت الشركة على مبلغ أقل فسوف تتعثر وتحتاج إلى جولة تمويلية في وقت مبكر عما خططت مما سيشغل المؤسسين عن عملهم ويدفعهم للسعي لإيجاد مصدر تمويل وغالبا يؤثر هذا على الشركة إلى الدرجة التي تؤدي إلى إغلاقها.. وهذا آخر ما تتمناه أنت عندما تستثمر مالك..
  • الحصة المعروضة مقابل المبلغ: إذا اقتنعت بطريقة تقسيم الحصص ووجدت أن الحصة مناسبة فلا تسع لتكبيرها، إذا حصلت على حصة كبيرة الآن، وحصل المستثمر القادم على حصة كبيرة، وتكرر الأمر، فسينتهي المطاف بالمؤسسين إلى اكتفائهم بحصة صغيرة لا تستحق عناءهم وتعبهم ولا تشعرهم بأنهم أصحاب الشركة، ولهذا يقررون التوقف وعدم الاستمرار، مما يعني تهديدا لاستثمارك.. بالإضافة إلى ذلك ففي النهاية ما يحدث الفرق هو تقييم الشركة عند بيعها، فقد يكون لحصتك مقابل ربحي كبير إن شاء الله..
  • من المفيد لك أن تتم جدولة الدفع على دفعات كثيرة ومتأخرة، ومن المفيد للشركة أن تكون هذه الجدولة أسرع وأقرب من ذلك، لهذا تحدث معهم واتفق على جدولة تساعد الشركة في تنفيذ خطتها ولا تتسبب في عرقلتها، هناك شركات تتعثر بسبب عدم تناسب مواعيد الدفع (خصوصا إذا حدثت تأخرات إضافية) مع الخطوات اللازمة في التشغيل..

6- نصائح عامة

اقرأ نصائح عامة في الاستثمار الملائكي والاستثمار العادي لأول مرة.

ختاما..

شركة أمازون التي تأسست سنة 1994 وكان أول تمويل لها مائة ألف دولار قيمتها اليوم تريليون دولار (ألف ألف مليون)..
شركة أوبر التي تأسست سنة 2009 وحصلت على أول تمويل حقيقي لها بقيمة 1.25 مليون دولار في 2010 قيمتها اليوم حوالي 60 مليار دولار..
فأسأل الله لك التوفيق 🙂

Last Updated on 15-09-2020

نقدم في "خضر وبزنس" استشارات في:

- تقييم الشركات

- تقسيم الحصص وحل مشاكل الشراكات

- تجهيز الشركات للاستثمار

- اختبار السوق في الأفكار الجديدة

- إنشاء المشاريع وتأسيس الشركات

- الإدارة المالية والتمويلية

- المشاكل والحلول الإدارية

- تجهيز الشركات للفرنشايز (الامتياز التجاري)

د. محمد حسام خضر خبير الإدارة والاستثمار ومؤلف كتاب "رائد الأعمال Inside Out"، أسس العديد من الشركات في مجالات مختلفة، وأسهم في إنشاء الكثير منها، ويقدم الاستشارات للشركات التقليدية والريادية.

للاستشارات تواصل معنا على واتس اب: +201006680032.

FacebookTwitterLinkedInYouTubeWhatsApp