على مدار الشهور القليلة الماضية تلقيت من بعض أصحاب الشركات طلبات لدراسة عقود الاتفاق المعروضة عليهم من مسرعات الأعمال والمستثمرين، ونظرا لتكرار بعض الملاحظات فقد فكرت أن أكتب عنها لتكون متاحة للجميع، عسى أن يسهم ذلك في اطمئنان أكبر للجميع.. سنبدأ هذه السلسلة بالـconvertible note وتفاصيلها (وهي أشهر طرق الاتفاق على الاستثمار حاليا)..
سياق السندات القابلة للتحويل
يحدث أن يقابل مؤسس الشركة المستثمر ويعرض عليه تمويل الفترة القادمة من أنشطة الشركة مقابل مبلغ معين، فتعجبه الشركة ويقرر الاستثمار فيها، ويعرض كل منهما تقييمه لها، إلا أنهما قد يختلفان في التقييم، أو قد يرغب المستثمر في تأمين نفسه، أو في توفير وقت التقييم (كما يحدث في المسرعات)، أو قد تكون الشركة في مفاوضات بالفعل لكنها تحتاج إلى مبلغ صغير لمدة شهور قليلة، الخ، فيتفقان على إتمام عملية التمويل الحالية دون تقييم ودون تحديد الحصة التي يحصل عليها المستثمر، وتأجيل التقييم إلى جولة التمويل المقبلة لتصبح مسؤولية المستثمر المستقبلي (بشرط أن تكون أكبر من رقم محدد).. وعندما يحدث ذلك ويتم تقييم الشركة تُطبّق معادلة حسابية على سعر السهم والتقييم ليتم تحديد سعر مخفّض لبيع الأسهم/الحصة إلى المستثمر الحالي، فيستفيد من دخوله مبكرا في الشركة ويحقق عائدا (على الورق)، تعتمد هذه المعادلة على نسبة خصم على السعر في الجولة التالية أو على سقف للتقييم أو على الأفضل للمستثمر منهما..
المبلغ
يحدد المؤسس المبلغ الذي تحتاجه شركته للشهور الثمانية عشر التالية (أو لمدة أقل في حالة الـbridge rounds)، ولهذا لا يكون هناك مجال كبير في التفاوض حول المبلغ وإلا عجز عن تنفيذ الخطة التي يطمح إلى تنفيذها، إلا إذا كانت طريقة الحسابات غير صحيحة أو بنود الحسابات أو أرقامها تحتاج إلى مراجعة..
القرض
يعتبر هذا السند بمثابة وعد بِردّ قرض حقيقي: له فائدة سنوية (5% في المتوسط)، وعند تحويله إلى حصة يتم شراء الحصة بالمبلغ الأساسي مضافا إليه الفوائد التي تحققت.. ومن الممكن أن يكون بدون فائدة سنوية، كما هو الحال في وثيقة Safe التي تبنتها مسرعة أعمال YCombinator.. وله تاريخ استحقاق يقوم المُقرض/المستثمر فيه باسترداد المبلغ إذا لم يتم تحقيق جولة تمويلية مؤهَّلة قبله، أو باسترداده بالإضافة إلى الفوائد (إذا كان الاتفاق على قرض بفائدة)، أو يقبل بتطويل مدة الاستحقاق، أو يتم تحويل القرض إلى حصة ملكية في الشركة على التقييم الذي أعدّه المؤسس في البداية، أو على تقييم آخر.. يتحدد ذلك حسب المذكور في عقد الاتفاق..
الجولة التمويلية المؤهَّلة
تحصل الجولة التمويلية العادية عندما يتمكن المؤسس من إقناع مستثمر أو أكثر بتمويل الشركة لتستكمل عملها فترة جديدة.. وغالبا ما يشترط المستثمر الحالي أن تحصل الشركة على جولة تمويلية يتجاوز مبلغ التمويل فيها رقما محددا ليتم اعتبارها “جولة تمويلية مؤهَّلة” (qualified funding round) يمكن عندها تحويل القرض إلى حصة، غالبا ما يكون الرقم أكبر من ضعف المبلغ الذي دفعه المستثمر في الجولة الحالية، وذلك ليضمن التزام المؤسس بتعهداته في تحقيق نموّ، ويستفيد من زيادة تقييم الشركة..
الخصم (Discount)
الطريقة الأولى لضمان استفادة المستثمر هي الاتفاق على حصوله على خصم بنسبة محددة (20% غالبا) على سعر السهم في الجولة التمويلية التالية، فمثلا إذا كانت النسبة المتفق عليها 20%، والمبلغ الذي دفعه كسند قابل للتحويل 400,000 جنيه، ودفع المستثمر الجديد 800,000 جنيه، وتحدد سعر السهم بـ10 جنيهات مع المستثمر الجديد، فسوف يكون:
عدد أسهم المستثمر الجديد = المبلغ الذي دفعه ÷ سعر السهم للمستثمر الجديد
عدد أسهم المستثمر الجديد = 80,000 سهم
سعر السهم للمستثمر الحالي = سعر السهم في جولة المستثمر الجديد × (1 – نسبة الخصم)
سعر السهم للمستثمر الحالي = 8 جنيهات
عدد أسهم المستثمر الحالي = المبلغ ÷ سعر السهم للمستثمر الحالي
عدد أسهم المستثمر الحالي = 50,000 سهم
بما يعني أنه بالرغم من دفع المستثمر الحالي نصف مبلغ المستثمر الجديد إلا أن المستثمر الحالي استفاد من الخصم فحصل على 10,000 سهم إضافي في نفس الجولة التمويلية..
بالنسبة للمؤسس فهذه الطريقة بنسبة كهذه محببة وتحافظ له على حصته في الشركة، أما بالنسبة للمستثمر فهي ظالمة بهذه النسبة (٢٠٪) إذ بعد انتظار سنة أو اثنتين لم يحظ بأكثر من ٢٥٪ (كعائد غير محقق)، لكن كلما قلت المدة إلى الجولة القادمة أو كلمت زادت نسبة الخصم أصبح الأمر أكثر توازنا..
السقف (Cap)
الطريقة الثانية لضمان استفادة المستثمر هي الاتفاق على وضع حد أقصى لتقييم الشركة التي سيتم على أساسه تحديد سعر السهم له في الجولة التمويلة التالية، فمثلا إذا كان الاتفاق على سقف للتقييم بمقدار 4 مليون جنيه، والمبلغ الذي دفعه كسند للتحويل 400,000 جنيه، ودفع المستثمر الجديد 800,000 جنيه على تقييم 8 مليون، وتحدد سعر السهم بـ10 جنيهات، فسوف يكون:
عدد أسهم المستثمر الجديد = المبلغ الذي دفعه ÷ سعر السهم للمستثمر الجديد
عدد أسهم المستثمر الجديد = 80,000 سهم
سعر السهم للمستثمر الحالي = سعر السهم في جولة المستثمر الجديد × (سقف التقييم ÷ التقييم الحالي)
سعر السهم للمستثمر الحالي = 5 جنيهات
عدد أسهم المستثمر الحالي = المبلغ الذي دفعه ÷ سعر السهم للمستثمر الحالي
عدد أسهم المستثمر الحالي = 80,000 سهم
ليحصل على نفس عدد أسهم المستثمر الحالي رغم أنه دفع نصف المبلغ الذي دفعه الأخير..
في الواقع هذه الطريقة هي تقييم للشركة عند الاتفاق على السند لكن بدون المرور على خطوات الأوراق والشروط والتسجيل الخ، وهي مفيدة للمستثمر حيث تضمن له الحصول على حصة على التقييم الذي وافق عليه أو اقترحه، أما بالنسبة للمؤسس فقد تمر بشكل عادي وقد تسبب له مشكلة نفسية إذا تبين أن تقييم الشركة في الجولة التالية كبير جدا بالمقارنة بالسقف (خمسة أضعاف مثلا)، عندها يكون المستثمر الحالي قد دفع مبلغا زهيدا مقابل حصة ثمينة.. لكن من جهة أخرى قد يقدّر للمستثمر الحالي وقوفه بجانبه في وقت صعب لم يكن أحد يصدقه فيه..
الخصم والسقف
في بعض الأحيان يكون الاتفاق على استخدام طريقتي الخصم وسقف التقييم لمعرفة أيهما تعطي سعرا أقل وبالتالي أكثر إفادة للمستثمر الحالي..
فشل الشركة
المعتاد هو ألا يكون هناك بند يتعلق بهذه الحالة، وأن يستعوض المستثمر الله في المبلغ، لأن الشركة إذا أغلقت فلن يكون فيها شيء للحجز عليه غالبا، إلا أن هناك من يشترط استرداد أصل القرض والفوائد، ويستفيد من كون القرض ذا أولوية على حقوق المساهمين في الحصول على حقه في الأصول عند التصفية، وهذا غير مناسب لمجال المشاريع الناشئة، في الحقيقة فكرة القروض نفسها ليست مناسبة للمشاريع الناشئة، ففي النهاية احتمال عدم الاستمرار وارد بقوة لأسباب كثيرة، وفي هذه الحالة يحول القرض الحالة إلى “موت وخراب ديار”..
بيع الشركة قبل تحويل القرض إلى حصة
إذا وقع أمر ما يتعلق بتسييل الشركة (مثل بيعها) قبل الحصول على جولة تمويلية مؤهَّلة فمن المعتاد أن يتم الاتفاق على استحقاق المستثمر لضعف المبلغ الذي دفعه (أو أكثر)، ويعتمد ذلك على مدة الاستحقاق المحددة..
ملاحظة
هناك مدارس واتجاهات متعددة في موضوع السندات القابلة للتحويل، حيث ينفذها كل مستثمر وكل مسرعة أعمال بالشكل الذي يراها به، ولهذا لا تشعر بالضيق الشديد إذا وجدت شيئا تتوقع ألا يكون عادلا، تحدث مع الشخص وناقشه وافهم وجهة نظره واشرح له وجهة نظرك..
Last Updated on 08-07-2020