توضيح: هذا الموضوع يتناول ما يجب توافره في مشروعك قبل ان تستخدم الاعلانات للحصول على عملاء وطلبات، مستقبلا سنتكلم عن طرق الحصول على عملاء بطرق بديلة للاعلانات.
الآن وقد أنشأت مشروعك واصبح المنتج/الخدمة جاهزا وبدأت تدفع لفيس بوك (او غيره) مقابل تسويق المشروع وتعريف العملاء به ستلاحظ شيئا: ما دام لديك اعلان مدفوع فسيصل اليك عملاء جدد وتتلقى طلبات، ولكن عندما توقف الاعلان يتوقف العملاء الجدد ايضا وتتوقف الطلبات! هذه الظاهرة طبيعية وتحدث لمعظم المشاريع الجديدة ان لم تكن كلها، وبما ان هناك من شاهد الاعلان ووصل اليك واشترى المنتج فهذا يعني ان الاعلان يعمل ولكن هناك مشكلة غير مرئية في نقطة من ثلاثة: هل هذا العميل هو المستهدف بالمشروع حقا (targeted segment/personas)؟ هل المنتج بتفاصيله (market offering) يوفي احتياج العميل بالشكل الصحيح؟ هل الرسالة الاعلانية (value proposition) وعدت العميل بتوقعات اقل من او تساوي القيمة التي سيحصل عليها؟ بناء على هذه التساؤلات ستحتاج الى المزيد من العمل على مشروعك حتى تعبر هذه المنطقة من عدم الاستقرار، فهذا الوضع هو نتيجة لعدم تحقيق مشروعك للـproduct-market fit بعد (وسوف نتحدث عن هذا المصطلح في آخر الموضوع).
1- شريحة/شرائح العملاء المستهدفة (personas)
الفرق الاساسي بين النجاح والفشل، كلما اهتممت بتحديد الشريحة وبذلت مجهودا في التأكد من صحة تحديدك اقتربت خطوات من النجاح.. هذا العميل هو الذي تنشئ مشروعك من اجل حل مشاكله، فإذا لم تكن تعرفه جيدا وتعرف مشاكله جيدا وتعرف معلومات كافية عنه فلن تتمكن من تقديم الخدمة بالشكل الذي يحتاجها به. عند تحديدك للشريحة التي ستتعامل مع مشروعك تأكد ان من بها من العملاء: لديهم المشكلة التي تحاول حلها بالفعل، عددهم معروف (ولو بالتخمين) وكبير بالشكل الذي يسمح لمشروعك بالنمو مستقبلا، قادرون على الدفع مقابل المنتج، يمكنك تقديم وتوصيل الخدمة لهم، يمكنك عزلهم واستهدافهم برسالتك الاعلانية لتصلهم هم بالفعل، يستجيبون لرسالتك الاعلانية.. كما هو واضح، وجود خلل في نقطة من النقاط السابقة يؤدي الى تعطل المشروع وعدم قدرته على الاستمرار والنمو بشكل طبيعي.. اما تحديدك لهم بشكل جيد فهذا معناه ان كل ما تصرفه من تسويق ودعاية هو في مكانه.
السؤال هو: هل الشريحة الحالية من العملاء الذين تتعامل معهم هي الشريحة الصحيحة المناسبة لمشروعك؟ او هل مشروعك مناسب للشريحة الحالية؟
2- الفوائد (benefits)
في حين تهتم انت “بمواصفات” المنتج “وخصائصه” ويمكنك التعبير عنها بوضوح فإن العميل يهتم “بفوائد” تهمه هو خلف المواصفات (وقد لا يعرف تفاصيل هذه المواصفات في الاساس) وهذا من وجهة نظره طبعا، مثلا ارتفاع السيارة عن الارض 20 سم هذه مواصفة للسيارة، الفائدة التي يدركها العميل هي ان السيارة لا تحك في المطبات (دون ان يعرف ارتفاعها او يهتم به)، التطبيق مبرمج بطريقة Native هذه مواصفة له، والعميل يفهم ان التطبيق سريع وتجربة استخدامه جيدة دون ان يهتم بطريقة برمجته، وهكذا.. هذه الفوائد (لا الخصائص) هي التي تعطي القيمة لما تبيعه.. يشمل “ما تبيعه” ايضا خدمة العملاء وخدمة التوصيل وكل الخدمات التي تقدمها في اطار تقديم المنتج، ولهذا فما ينطبق على المنتج ينطبق عليها.
السؤال هو: هل الخصائص والمواصفات فيما تبيعه تمنح العميل الفوائد التي تناسب احتياجه هو بالفعل؟ وهل هي واضحة امامه ويمكنه التعرف عليها؟
3- الفوائد لدى الجمهور المستهدف
عندما ندمج النقطتين السابقتين نصل الى نقطة فرعية هامة، لن يرى كل الناس خصائص المنتج على انها فوائد، فقط مجموعات منهم.. مثلا فائدة ارتفاع السيارة لدى البعض هو عيب لدى البعض الآخر لان السيارة اصبحت اقل اتزانا نتيجة هذا الارتفاع! فائدة التطبيق السريع تصبح معدومة عند من يسكنون في مناطق سيئة التغطية ولا يتوافر فيها انترنت ارضي وبالنسبة لهم الخط الساخن هي الطريقة الافضل! وهكذا..
السؤال هو: هل هذه الفوائد هي فعلا التي تبحث عنها شريحة العميل التي حددتها واستهدفتها في مشروعك؟
4- التكلفة (cost)
مفهوم التكلفة اشمل من مفهوم السعر، فكل ما يجب على العميل عمله للحصول على المنتج هو تكلفة، يشمل ذلك بحثه عن المنتج، وتحركه لمكانه، ومثلا في التطبيق: ضغطاته على الازرار، وتكلفة الانترنت لتحميل التطبيق (على خط الموبايل)، والوقت الذي ينتظر تحميل الشاشات فيه، والسعر، وانتظار الطلب، والقلق من وجود مشكلة ما في الطلب، وخوفه من عدم تمكنه من التصرف اذا حدثت مشكلة، وعدم ثقته في المشروع نفسه حتى الآن، وتخليه عن الشركة التي كان يتعامل معها قبل ان يجرب المشروع، واضطراره لتعلم كيف يعمل التطبيق، ومشاهدة فيديو اعلاني، وتحمل ازعاج التنبيهات، وتحمل اخطاء التطبيق، واتصاله بخدمة العملاء، ورده على اتصال عامل التوصيل، الخ..
السؤال هو: هل التكلفة المطلوبة من العميل اقل من التكلفة لدى المشاريع المنافسة؟ هل هناك طرق يمكن بها تقليل التكلفة؟
5- القيمة (value)
المعادلة النهائية هي: القيمة = الفوائد لدى العميل المستهدف – التكلفة، كلما كانت الفوائد اكبر من التكلفة زاد احتمال بقاء العميل وتكرار طلبه، وكلما كان الفرق كبيرا زاد احتمال تحدث العميل عن المشروع ونشره له بين معارفه واصدقائه، والعكس صحيح..
السؤال هو: هل القيمة موجودة وفي صالح العميل؟
6- التوقع والانطباع (expectations vs perception)
الفرق بين توقع مستوى المنتج (نتيجة اعلان الرسالة التسويقية) وبين الانطباع الذي تكون عنه بعد الحصول عليه، اذا تساوى الاثنان شعر العميل بالسعادة، واذا زاد الانطباع عن التوقع تضاعف شعوره بالسعادة وتحدث عن المنتج بشكل جيد امام الناس، واذا زاد التوقع عن الانطباع شعر بالاحباط وتحدث بشكل سيء امام الناس، لذلك فالنصيحتان الاساسيتان هنا هما: لا ترفع سقف توقعات العميل بشكل غير صحيح، واجتهد في اسعاده لتكون التجربة افضل بكثير من التوقعات.
السؤال هو: هل رسالتك الاعلانية ترسم توقعات منطقية للعميل؟ وهل تجربته مع مشروعك تعطيه انطباعا اكبر من توقعاته؟
كيف تعرف؟
افضل طريقة لمعرفة اسباب المشاكل الحالية هي -كالعادة- سؤال العملاء الذين تعاملوا مع المشروع مرة ولم يطلبوه مرة اخرى، لنعرف منهم كيف كانت تجربتهم وما الاشياء التي ضايقتهم وما الاشياء التي يرغبون في ان تكون موجودة وهكذا، وكذلك سؤال العملاء المتكررين عن الفوائد التي يجنونها من التعامل مع مشروعك (فقد تكتشف فوائد لم تكن تعرفها انت في مشروعك وتحتاج لتغيير رسالتك التسويقية).. بالاضافة الى طريقة ثانية هي تركيب ادوات القياس في المشروع، فإذا كان موقعا او تطبيق موبايل مثلا فنحتاج ان تكون هناك ادوات احصائية مثل Analytics وPixel وMixPanel وكذلك ادوات مراقبة اداء المستخدمين مثل UXCam وHotJar وغيرها بشرط ان نتعلم كيف نقرأها ونستفيد منها لنخرج بمعلومات تساعدنا على اتخاذ قرارات.. بهذا نتعرف على نقاط الضعف وعلى المشاكل التي يجب حلها اولا بأول.
اذا وفقت في الوصول الى مرحلة الproduct-market fit التي نتحدث عنها فهذا يعني ان المشروع بتفاصيله الحالية اصبح اساسا يمكن ان تبنى عليه وتستكمل عليه العمل في اتجاه تكبير المشروع، حيث وصل التطوير والتشغيل والتسويق الى المستوى المناسب لاول مرة.. ممتاز.. لكن كيف يمكن معرفة ان المشروع قد حقق هذه الحالة؟ الاجابة هي: ستعرف بمجرد ان يحدث ذلك 🙂 ستكون سعيدا وتشعر بالاطمئنان الحقيقي للمرة الاولى منذ بدأت المشروع.. ومن اهم العلامات التي ستجعلك تشعر بذلك:
1- تكرار الطلب
اول واهم مؤشر على بداية النجاح لمشروعك، حيث حدث توافق بين ما تبيعه وبين العميل على اصعدة كثيرة ادت الى رجوعه وتعامله معك مرة اخرى.
2- ترشيح الناس للمشروع
لم يكتف العميل بالتعامل معك مرة اخرى وانما كان سعيدا بالتجربة لدرجة انه بدأ يخبر الناس عن مشروعك (دون ضغط منك)!
3- اعتماد الناس على المشروع
اصبح مشروعك هاما لدرجة ان الناس اصبحوا يشعرون بالقلق اذا حدثت مشكلة منعتهم من استخدامه (مثل ما يحدث عندما يتوقف واتس اب او فيس بوك عن العمل)!
اسئلة
س1: هل يعني هذا ان اوقف الاعلانات كي لا اخسر كثيرا؟
ج1: نعم ولا.. الاجابة بنعم: اوقف الاعلانات التي كنت تستهدف من ورائها ان تحقق دخلا للمشروع لان هناك ثقبا هائلا في المشروع يجعله لا يحتفظ بالعملاء (وهو ما نعبر عنه بنسبة خروج العملاء churn rate)، لان تكلفة الحصول على العميل (الذي وصل الى مرحلة الشراء) في هذه الحالة اكبر بكثير من الربح المحقق منه (راجع موضوعا سابقا بعنوان “اهم رقمين في مشروعك”)، اذا استمريت فكأنك ترمي مالك على الارض..
اما الاجابة بلا: يجب ان تستمر في الاعلان، ولكن بعد ان تقوم بدراسة ما تحدثنا عنه وتفحص المشروع وتصلح النقاط التي تحتاج الى تصليح ثم تجرب مرة اخرى بالاعلان مع تحديد هدفك منه وتحديد المبلغ الذي انت مستعد لدفعه في كل تجربة.. اذن في هذه الحالة استمر في الاعلان لتجربة التعديلات التي تجريها ولا تستمر في الاعلان اذا ظل مشروعك كما هو.
س2: هل ينبغي ان استخدم طرق تكوين العادات (مثل Hooked) او نشر الناس للمنتج (مثل STEPPS وIdeaVirus) لتسريع نجاح المشروع؟
ج2: لا.. هذه الطرق مبتكرة لتحفيز الناس على استخدام المنتج باستمرار وكذلك للحديث عنه، استخدام هذه الطرق ممتاز في المرحلة التالية، اي ما بعد الوصول الى product-market fit، لكن استخدامها قبل تحقيق هذه الحالة يضر بمشروعك جدا جدا جدا.. اذا استخدمت طريقة من طرق تكوين العادات ونجحت في ذلك في حين ان منتجك سيء فهذا يعني ان العميل سيبحث بنفسه عن البديل الافضل لاشباع تلك العادات! واذا استخدمت طريقة من طرق تحفيز الناس لنشر المنتج بينهم فهذا يعني اعدادا متزايدة في التقييمات السلبية نظرا لتجربة عدد كبير من الناس للمنتج قبل ان يصل الى الحالة المطلوبة بعد.
وسوف نتحدث عن هذه الطرق ان شاء الله اذا حانت فرصة مناسبة.
س3: هل المفترض ان ابحث عن مستثمر واحصل على مبلغ يتيح لي عمل التجارب اللازمة للوصول الى حالة الproduct-market fit؟
ج3: لا.. اولا فرصتك في الحصول على استثمار ستكون اكبر بكثير بعد ان تحقق الproduct-market fit.. ثانيا مهمتك الحالية ليست البحث عن استثمار (وهي مهمة تستغرق وقتا كبيرا) وانما تحسين المنتج وتحديد الشريحة المستهدفة وتجربة ذلك مرارا وتكرارا الى ان تصل الى المرحلة المطلوبة.. ثالثا كلما كنت امينا مع نفسك فستشعر بضخامة مسؤولية ان تعمل بمال غيرك، وصرف هذا المال في التجارب سيزيدك توترا، في حين صرفه على تكبير المشروع بعد تحقيق الحالة المطلوبة لا يسبب ضغطا عليك.
س4: هل هناك طرق لترويج المشروع والحصول على عملاء جدد وطلبات دون الحاجة للاعلان المدفوع؟
نعم.. وسيكون لذلك مجال في موضوع مستقبلي ان شاء الله.
Last Updated on 08-07-2020