امتدادا للمقال السابق عن وصف السندات القابلة للتحويل (convertible notes) ونظرا لكثرة الاستفسارات التي تردنا حولها نوضح فيما يلي أسباب حرمتها ونطرح التعديلات التي من شأنها تحويلها إلى اتفاق موافق للشريعة بإذن الله.
أسباب حرمة السندات القابلة للتحويل
هذه الاتفاقية تشتمل على غرر واضح وربا وتحويل لقرض إلى حصة وكلها محرمات، خصائص هذه الاتفاقيات التي تجعلها غير جائزة شرعا هي:
1. الفوائد الربوية
وجود فوائد ربوية (interest) توقع على الشركة سنويا، وهذا بالمناسبة موجود في السندات لكنه غير موجود في سندات السيف نوت (safe note) بالذات. وقد قال الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا”.
2. مجهولية تاريخ الاستحقاق
عدم تحديد التاريخ الذي يتم عنده تحويل المبلغ إلى حصة ملكية في الشركة (maturity date)، وهذا غير جائز في عقود البيع أو اتفاقات الوعد بالبيع.
قال النووي: “اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ”.
3. الأسهم الممتازة
تحويل المبلغ إلى أسهم ممتازة (preferred shares)، وبحسب المزايا المتفق عليها في الاتفاقية للأسهم الممتازة تكون هذه الخاصية سببا في الحرمة أو لا، فمثلا إذا كانت هناك أفضلية في رد رأس المال للأسهم الممتازة قبل ردها للأسهم العادية فهذا لا يجوز لأنه ضمن رأس ماله وربما تكون الشركة خاسرة، وإذا كانت أرباحها محددة مسبقا فهذا لا يجوز، إلى غير ذلك من البنود المحرمة.
يقول ابن قدامة: “الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله، فإن كان مالهما متساويا في القدر، فالخسران بينهما نصفين، وإن كان أثلاثاً، فالوضيعة أثلاثاً، لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم”.
4. مجهولية حصة المستثمر
عدم تحديد قيمة الشركة التي يجب الاتفاق عليها لحساب الحصة المباعة للمستثمر، ولا يغني عن القيمة تحديد نسبة الخصم (discount rate) أو سقف التقييم (valuation cap) فكلاهما لا يحدد قيمة الشركة عند التحويل ولا حصة المستثمر، الأول (الخصم) نسبة مرتبطة بالتقييم الذي ستكون عليه الشركة وهو مجهول تماما الآن، والثاني هو سقف للتقييم في حالة زاد تقييم الشركة عنه، لكن إذا مرت الشركة بجولة غير مؤهلة أو كان تقييم الشركة فيها أقل من السقف فيتم التحويل على ذلك التقييم الأقل، وهذا يعني أن قيمة الشركة والحصة غير محددة.
قال ابن المنذر في الإجماع، وابن القطان في الإقناع: “وأجمعوا على أن من باع سلعة بثمن مجهول غير معلوم، ولا مسمى، ولا عينا قائما، أن البيع فاسد”.
5. تحويل القرض إلى حصة
اعتبار المبلغ قرضا على الشركة ثم تحويله إلى رأس مال فيها لا يجوز.
قال ابن قدامة نقلاً عن ابن المنذر: “أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنه لا يجوز أن يجعل الرجل ديناً له على رجل مضاربة”.
الصورة الشرعية للـ convertible and safe note
استنادا إلى ما سبق يمكن تحويل اتفاقية السندات القابلة للتحويل إلى عقد متوافق مع الشريعة عن طريق التعديلات التالية:
1. عدم وجود فوائد ربوية
إذا كانت في العقد فوائد فيتفق الطرفان على حذف البنود المتعلقة به.
2. تحديد تاريخ الاستحقاق
بالإضافة إلى تحديد تاريخ الاستحقاق بحدوث جولة تمويلية مؤهلة (qualifying round) يجب تحديد تاريخ عادي أيضا ليكون زمن الحصول على الحصة متفقا عليه.
3. الأسهم العادية
يتفق على تحويل المبلغ إلى أسهم عادية أو أسهم ممتازة ليست لها أي من المزايا المحرمة (إذا كانت هناك مزايا جائزة مطلوبة للمستثمر تتطلب الأسهم الممتازة كالتصويت ومقعد مجلس الإدارة).
4. حصة المستثمر
يتفق على سقف للتقييم (valuation cap) وعلى أن يكون هذا السقف في الوقت هو أرض التقييم بحيث لا تكون هناك فرصة للتحويل على تقييم أقل، فيضاف بند يوضح أنه في حالة قل التقييم عن السقف لا يتم تقليل التقييم الذي يتم التحويل عليه وإنما يكون على السقف المتفق عليه.
بهذا الشكل تتحول السندات القابلة للتحويل (convertible note) إلى صورة عقد بيع السلم وهي صورة شرعية جائزة يكون فيها دفع الثمن مقدما وتسليم المبيع آجلا، وفيها يُتفق على المبيع بوصفه معلوم الجنس والقدر والنوع والصفة، وعلى الأجل الذي يتم عنده تسليمه، وعلى الثمن، ويتم دفع الثمن حالا عند الاتفاق. والله أعلم.
تراضي مؤسس الشركة والمستثمر على الاتفاقية بشكلها الأصلي
من القواعد المهم فهمها أنه لا دخل للتراضي في تحليل ما حرم الله، فمشتري الخمر وبائعها يرتكبان كبيرة من الكبائر وهما متوافقان عليها، والزاني والزانية كذلك، لا يغير هذا شيئا في حكم الله.