– أشعر بالتوتر وانعدام الوزن لمجرد أنني تخرجت، ولا أعرف كيف أتحرك ولا أين أذهب! ما هي الخطوة التالية؟
– هذا أمر طبيعي، فهناك فرق كبير بين فترة الدراسة الجامعية + فترة الجيش (إن كنت قد دخلته) وبين الفترة الحالية التي ينبغي أن تبحث فيها عن فرصة عمل، الفرق هو أنك انتقلت من مربع الاتّباع والاستجابة ورد الفعل إلى مربع القيادة والفعل، قيادة حياتك واتخاذ القرارات..
– لكن هذا أمر يدعو للسعادة والراحة، لا التوتر والقلق!
– صحيح، إلا أنه مرهق ويحتاج منك إلى تطوير تفكيرك وطريقة تصرفك والاعتماد على شعورك بالمسؤولية في أسرع وقت، فبعد أن كنت تتلقى الأوامر والمحاضرات والجداول والمهام الخ أصبحت أنت من ستعطي نفسك الأوامر وترسم خطواتك التالية بنفسك! وإذا لم تتمكن من استيعاب الفرق سريعا فسوف تطول فترة البحث والحيرة التي تؤدي أحيانا إلى الإحباط..
– ما يقلقني أكثر هو أن بعض زملائي من الدفعات السابقة يشتكون من عدم تمكنهم من العثور على وظائف ملائمة حتى الآن!
– لا تستمع للقصص المحبطة من زملائك الذين تخرجوا قبلك ولم يجدوا عملا بعد، أو وجدوه ولم يستريحوا فيه، البحث عن وظيفة والحصول عليها تجربة شخصية إلى حد كبير، إمكانياتك الشخصية تلعب دورا كبيرا فيها، ومهاراتك كذلك، وخبراتك السابقة، وحتى طريقة تربيتك وتنشئتك، ومعلوماتك، ومعارفك.. قد تكون لديك نصيحة واحدة فتجد نفسك في موقف ما وتستفيد منها، في حين لم يكن لدى زميلك تلك النصيحة فلم يعرف التصرف الصحيح..
– حتى عندما جربت أنا وزملائي بأنفسنا وشرعنا في التقدم للوظائف والتحرك في هذا الاتجاه لم نستفد شيئا ولم يرد علينا أحد!
– البحث عن الوظيفة ليس مهمة جماعية، ليس مشروعا تقوم به مع زملائك أو تكلف به أحدا ليتولاه، البحث عن الوظيفة مهمة فردية تتطلب منك الاهتمام والعمل المستمر والمتابعة، ليس من المفيد عمل ذلك في إطار مجموعة، ما يفيد هو تبادل الخبرات والأخبار كل فترة، أما التجهيز والبحث والتقديم (وغيرها من الأمور التي سنتحدث عنها بالتفصيل لاحقا) فكل هذا يجب أن تقوم به بنفسك بعيدا عن المشتتات..
– حتى هذا جربته، واجتهدت في التقدم للوظائف وأـرسلت السرة الذاتية للكثير من الشركات دون طائل!
– القفز إلى مربع “البحث عن الوظيفة” دون تحضير يشبه اشتراكك في ماراثون دون تدريب مناسب، تتفاءل للغاية وتتصور في البداية أنك ستنافس على اللقب، وبعد عشر دقائق تسقط من الإعياء وأنت تلهث، ولن تتمكن من الاستمرار، وتملؤك المشاعر السلبية التي تحبطك وتصوّر لك الأمر على أنه مستحيل.. التحضير أمر هام في العصر الحالي بسبب المنافسة في التقدم للوظائف والتعقيد النسبي في عملية التوظيف والاختيار.. ولكل شيء طريقة..
– كيف يمكنني التحضير لذلك؟
– هذا ما سنناقشه في المرات التالية إن شاء الله..
– أحيانا أفكر في تحويل مشروع التخرج إلى شركة ناشئة ليصبح عندي عملي الخاص وأهرب من البحث عن وظيفة ومن خدمة الآخرين!
– لا تلق بالاً لمنشورات الفيس بوك التي تتعامل مع الوظيفة على أنها تقليل منك وزيادة في ثروة شخص آخر، أو تعطيل لحلمك على حساب تحقيق حلم شخص آخر، هذا الكلام غير صحيح على إطلاقه بهذا الشكل، عملك في وظيفة يُكسبك المعرفة اللازمة والخبرة الضرورية والعلاقات التي قد تحتاج إليها يوما ما (زملاء أو مديرين)، وأصبحنا الآن متأكدين -من الكثير من الأحداث والتجارب- أن المسار الأفضل لحديث التخرج هو العمل في وظيفة..
– حتى الشركة الوحيدة التي ردت علي كان الراتب أقل بكثير مما أخبرني به الناس على فيس بوك عندما سألتهم عن رواتب المجال..
– لا تصدق منشورات الفيس بوك التي تناقش رواتب الموظفين في مجال عملك، الأرقام دائما مبالغ فيها لرغبة من يكتبها في رفع مستوى الرواتب في السوق، لكنه بهذا يسبب الإحباط لمن يعمل برواتب أقل (وهذا هو الوضع الحقيقي) ويسبب ارتباكا في السوق.. اهتمامك في هذه المرحلة ينبغي أن يكون على إضافة أول شركة إلى سيرتك الذاتية، وعلى محاولة إثبات ذاتك، وعلى تنمية مهاراتك العملية والتعلم إلى أقصى درجة ممكنة..
الحلقة القادمة: فترة الدراسة الجامعية..
آخر تحديث في 15-11-2019