منذ عام وشهرين كنت قد بدأت الكتابة في المواضيع التي تهم رواد الأعمال والمستثمرين وأصحاب الشركات المتوسطة والصغيرة، فاهتم البعض بها ونشرها وشجع الآخرين على متابعتها، لأفاجأ بتطبيق فيس بوك يهطل عليّ بإشعارات “فلان تابعك” “فلان تابعك” “فلان تابعك”، مصحوبة بإشعارات رسائل تطبيق المسنجر..
شعرت بالسعادة في البداية، إذ يقربني هذا من تحقيق حلمي في إفادة غيري وفي توصيل ما أعرفه، لكن بعد نصف الساعة بدأ قلبي ينقبض، ثم ينقبض أكثر فأكثر مع كل إشعار جديد، حتى تبخرت سعادتي مع الإشعارات الكثيرة التي تتابعت دون فراغات زمنية معقولة بينها.. وزاد ذلك مع تعليقات البعض بأنهم ضبطوا إعداد المتابعة على “المشاهدة أولا”، فبدأت أفكر في إغلاق الحساب نهائيا..
لا زالت زوجتي تذكّرني بما قلته لها حينذاك.. أخبرتها بما يحدث، فتعجبَت من شعوري بالقلق والضيق، بل سألتني مباشرة “وكيف ستحقق هدفك إذا لم يتبعك المهتمون بما تنشره؟”
“هذه كارثة لا أعرف ما ينبغي أن أفعله فيها، هل تدركين معنى أن يتابعني عدد كبير آملين في أن يستفيدوا أو يتعلموا مني؟
افهميني.. عندما كان أصدقائي فقط هم من يتابعونني كانوا يعرفونني ويعرفون حياتي ومن هنا يستطيعون تحديد ما يفيدهم مما أنشره، وكانت توقعاتهم تناسب ما يعرفونه عني..
كذلك كنت أكتب في أمور عامة قد تؤثر في نظرتهم إلى أمور حياتهم وتكسبهم قوة ومرونة نفسية أكبر، لم أكن أتحدث عن خطوات ينبغي لهم أن يسيروا فيها لتحقيق نتائج معينة كما أفعل الآن!
أما الآن..
يا إلهي..
الآن؟!
الآن يقول لي كل إشعار:
لقد وثق بك فلان، وتابعك، وقد يأخذ بنصيحتك التفصيلية في أمر يخص مستقبله (سواء في حياته الشخصية أو عمله)..
الآن يقول لي كل إشعار:
انتبه لأن كلمة تقولها أصبحت بحساب أكبر، وكل نصيحة ترسلها إلى من يسألك سيكون لها أثر على حياته!
الآن يقول لي كل إشعار:
لا ينبغي أن تكتب شيئا على سبيل المزاح، فمن يتابعونك يترقبون منك أن تفيدهم، إذا أخذوا مزاحك على سبيل الجد فسوف تسوء الأمور..
الآن يقول لي كل إشعار:
عندما يلجأ إليك شركاء متنازعون لتحكم بينهم هل أنت متأكد من طريقة تفكيرك في مشكلتهم وفي حكمك؟ هل يمكنك أن تلقى الله به وأنت مطمئن؟
الآن يقول لي كل إشعار:
هل بدأت تشعر بالغرور لأن الكثيرين يعرفونك؟ هل تراودك بعض الأفكار الفخورة لأنك صنعت هذا بنفسك؟ هل تقرأ رسائلهم وتعليقاتهم الإيجابية بعين معجبة لأنك مصدر هذا النفع أم بعين دامعة شاكرة لله على نعمته إذ وضعك في هذا المكان وجعلك سببا في النفع؟!
الآن يقول لي كل إشعار:
هل ستبحث عن المواضيع الشيقة التي يدور الحديث عنها لتكتب عنها ويزيد التفاعل معك حتى لو لم تكن هامة؟ وهل ستكتب ما يريد الناس أن يقرؤوه ويسمعوه ليشعروا بالسعادة حتى لو كان ما تكتبه عكس ما أنت مقتنع به؟!
افهميني.. هذه المتابَعات ليست رقما إجماليا، إنها حيوات كثيرة كل منها عزيز عليّ، تماما كحياتي وحياتك، أضع نفسي مكان كل شخص لأفكر في أفضل ما يمكن أن يجلب له النفع.. هل تصورتِ المسؤولية؟ هل أدركتِ العمل المطلوب مني؟”
طمأنتنتي زوجتي “أنا أدرك مقدار وقيمة ما تقدمه، وأرى نتيجة ذلك من تعليقات التاس على ما تنشره، فتوكل على الله واستمر”
عندها هدأت قليلا، وقررت إغلاق إشعارات الفيس بوك والمسنجر كي لا يزيد توتري مجددا.. وأسهم هذا في أن أستعيد رباطة جأشي مرة أخرى بالتدريج، وحتى الآن لا تصلني أية إشعارات من التطبيقين..
لهذا أتقدم إليك برجاء شخصي، إليك أنت بالذات، لتساعدني على الاستمرار وتخطي هذه المخاوف..
١- إذا أخطأتُ في تصرّف أو موقف ما فأخبرني، نبّهني إليه أمام الناس أو بيني وبينك، لا تنتظر حتى أعرف أنا وحدي وأصحح ما فعلته كي تفاجئني بقولك “كنت سأخبرك بهذا الخطأ”..
كن داعمًا لي 🤝
٢- إذا احتجتَ أي شيء مني فراسلني على المسنجر أو الواتس أب أو الإيميل، سأرد عليك خلال أقصر وقت ممكن إن شاء الله، ولا تتوقع أن تضايقني رسالتك، بالعكس ما أفعله واجب عليّ ويسعدني القيام به..
كن داعمًا لي 🤝
٣- إذا نشرتُ شيئًا واستفدتَ منه فانشره بدورك.. ما أحاول أن أفعله لن يتحقق إلا إذا وصل لكل من يهتم به، وأنا فرد واحد، قدراتي محدودة، أحتاج إليك في أن تشاركني بمجهودك..
كن داعمًا لي 🤝
٤- لا تجاملني، لا تُعجب بشيء نشرته دون أن تكون قد قرأته، لا تُعجب بشيء نشرته ووجدته أنت دون المستوى.. أعطني رأيك الصريح فهو ما يجعل ما أقدمه أفضل..
كن داعمًا لي 🤝
..
شكرا لك ❤️