في أحد المقاطع من حلقات “مستر بين” يصل إلى الفندق ليقضي فيه بعض الوقت، وبعد أن يتحدث إلى موظف الاستقبال يصل نزيل آخر لا توجد علاقة مسبقة بينه وبينه، ويتصور “مستر بين” أن عليه منافسته والتغلب عليه في كل شيء، وتتتالى الأحداث التي تدفع من يشاهدها إلى الضحك تعجبا من الحالة التنافسية غير المبررة..
إذا لم تكن ستشاهد المقطع (الرابط والأوقات في أول تعليق) فدعني ألخص لك ما يحدث، يعطي الموظف ورقة تسجيل البيانات لكل منهما، فيغش “مستر بين” من ورقة النزيل الآخر كأن هناك إجابة نموذجية، وينهي الكتابة بسرعة ليضغط جرس الاستدعاء ويسلم ورقة “إجابته” أسرع من الآخر وكأنهما في اختبار، ثم يسبقه ليعطله عن الصعود السريع بالمصعد عن طريق الضغط على الزر في كل طابق يصل إليه (ويصعد هو على السلم) فينفتح باب المصعد في كل دور دون داع، ثم يقف بالمفتاح على باب غرفته منتظرا وصول الآخر ليفتح قبله ويريه أنه قد انتصر عليه!
بعد ذلك تدور المجموعة الثانية من الأحداث في مطعم الفندق، فيضع في أطباقه الأصناف التي يختارها الآخر ولكن يزيد من عددها، يحدث هذا عدة مرات، إلى أن ينتبه الآخر إلى أن بلح البحر فاسد فيتركه بينما يلتهمه “مستر بين” فيصاب بتسمم ويقضي ليلة سيئة في سريره مع المرض والأدوية..
رغم أن الرسالة واضحة في المقطع، ورغم أننا نضحك على طريقة تفكيره وكيف صنع من شخص آخر منافسا يجب هزيمته أو على الأقل تقليده، رغم عدم وجود مجال للمنافسة أو جدوى حقيقية منها، إلا أن هذا يحدث ويحدث ويحدث، أراه كل يوم في أناس ممن أعرفهم، فيظهر واضحا في كلامهم وفي تعليقاتهم وفي تصرفاتهم وفي قناعاتهم..
لست في منافسة مع من تخرجوا معك وعينوا في شركات كبرى!
لست في منافسة مع من هم أوسم منكَ أو أجمل منكِ!
لست في منافسة مع أصحاب المشاريع الأخرى ممن حصلوا على تمويل أو بدأت أسماؤهم تُعرف في المجال!
لستِ في منافسة مع قريباتك اللاتي تزوجن في حين لم يصل صاحب النصيب إليك بعد!
لستِ في منافسة مع قريباتك اللاتي حصلن على هدايا غالية وحفلات زفاف أسطورية!
لست في منافسة مع أقاربك الذين أحرز أبناؤهم درجات عالية في الدراسة!
لست في منافسة مع زملاء دراستك لتقارن ممتلكاتك بممتلكاتهم بعد عدة سنوات!
لست في منافسة مع جارك الذي اقتنى سيارة أغلى من سيارتك!
لست في منافسة مع صديقك الذي يتعلم أبناؤه خارج البلاد بينما يتعلم أبناؤك في مدارس محلية!
لست في منافسة مع من هو أشهر منك!
لست في منافسة…
اهدأ، وخذ نفسا عميقا، واترك هذه الفكرة تستقر عندك شيئا فشيئا.. ليست هناك منافسة في الحياة أو الممتلكات أو الزواج أو العمل، والذين يتنافسون يخسرون مهما حاولوا، يخسرون أنفسهم والاستمتاع بوقتهم والشعور بشبابهم وراحة بالهم ورضاهم، فلا أحد كامل في كل الجوانب، ولن يتمكن أحد من جمع الجوائز التي تشعره بالفوز في هذه المنافسات التخيلية..
تستحق أن تعيش كل هذا بالطريقة التي تتناسب معك ومع إمكانياتك ومع ظروفك، باذلا جهدك الذي تستطيعه، دون أن يضع لك أحد مضمار سباق أو موعد وصول، ودون أن يفرض عليك الاتجاه أو الأهداف.. استمتع بالرحلة فهي نجاحك اليومي الحقيقي..
أنت في منافسة مع نفسك، في منافسة مع الشخص الذي كنت عليه أمس، هل تبذل نسبة كافية من التفكير والجهد الذي تملكه؟ أم أنك تضيع معظمه؟ هل تأكدت أنك تسير على الطرق الصحيحة في حياتك وعملك؟ هل أنت راض عما تعمله كل يوم؟ هل ما فعلته اليوم أفضل مما فعلته أمس؟
بهذا فقط تنجح، وبهذا فقط تشعر بالاطمئنان مهما كان وضعك ومهما كانت نتائج مجهودك، فلست في منافسة مع أحد..
Last Updated on 05-11-2019