مع نهاية عام آخر من حياتي وجدت نفسي أفكر في إجابة لهذا السؤال الذي مرّ عليّ كثيرا خلال العام، مرّ في خاطري، وورد في أسئلة الأصدقاء لي، وظهر في شبكات التواصل الاجتماعي..
ترسل إليّ ذاكرتي عشرات الأحداث التي شعرت خلالها بمشاعر سلبية، بالألم، أو المعاناة، أو الخزي، أو الندم، أو الحسرة، وتتتابع المشاهد لتكوّن سحابة سوداء تظلل روحي وتشعرها بالبرد، فتتسلل إليّ الوحدة وغربة الزمان..
قرارات خاطئة تتعلق بحياتي الاجتماعية، ومنها ما لا زلت أعيش مع نتائجه إلى الآن..
وأخرى تخص حياتي المهنية، كانت لها بدائل أفضل في وقتها..
ومنها ما يتعلق بصحتي، عانيت سنين طويلة بسببها..
وكذلك ما يتعلق بتعاملي مع الناس وحكمي عليهم، أثّرت على صداقاتي لفترة..
قرارات خاطئة كثيرة…
ثم لا يلبث عقلي أن يدخل إلى المشهد بتثاقل وكأنما صحا من سبات، فيفتح كشاف الضوء على نتائج ختمَت فترات حياتي، لأكتشف معها ما لم أكن أفكر فيه من قبل، وكأنه يقول لي:
وكيف تطوّرت؟!
ألم تتسبب كل هذه الأخطاء في أن تتعلم؟ في أن تعرف الصواب من الخطأ فيما يأتي بعدها؟!
وتكسبك حكمة يمكنك أن تنفع بها من يحتاجها فتقول له “لقد مررت بهذا الطريق من قبل”؟!
وتعطك صورة كافية عن الجانب السيء في الناس لتعرف الجانب الجيد عندما تراه؟!
وتجعلك تدرك قدر نفسك إذ إنك ناقص بعيد عن الكمال وجاهل لا تعرف إلا القليل وضعيف لا تملك من أمرك شيئا؟!
وتعودك الأخطاء وتبعاتها على أن تصبح أقل فرحا بما يُفرح وأقل حزنا بما يُحزن وأسرع في العودة إلى الواقع؟!
ويتسبب بعضها في أن تصل بك إلى أماكن وعلاقات وعلوم لم تكن لتفكر فيها في الأصل؟!
وفي أن تصبح أكثر يقينا وتصديقا بحكمة الله تعالى ولطفه ودقة تدبيره؟!
وأكثر تقديرا لنعم الله؟!
لم أعد إلى رشدي إلا وقد امتلأت بالخجل من الله، أكرم الأكرمين، مبتهلا إليه..
اللهم إني أبرأ من حولي وقوّتي إلى حولك وقوتك..
اللهم خر لي واختر لي..
اللهم دبّر لي فإني لا أحسن التدبير..
سبحانك سبحانك سبحانك..
لك الحمد حتى ترضى..
ولك الحمد إذا رضيت..
ولك الحمد بعد الرضا..