سرقة الأفكار!

سرقة الافكار

“عندي فكرة جديدة وأخاف أن أخبرها لأحد فيسرقها، كيف أحمي الفكرة وأضمن أنها لن تسرق؟ هل أطلب من الـmentors والمستثمرين والaccelerators توقيع عقد عدم إفصاح (NDA) قبل أن أتحدث إليهم عن فكرتي؟”

لماذا؟

غالبا يراودك هذا التخوف عندما لا يكون بحوزتك إلا الفكرة، فليس معك فريق عمل بعد ولا منتج ولا استثمار ولا عملاء، وهذا معناه أن الفكرة تمثل 100% من مشروعك حتى الآن، وبمجرد أن يأخذها أحد فسيكون قد أخذ كل مشروعك، من السهل رؤية المنطق في هذا..

إذا سرّعنا الشريط لأشهر قليلة فحسب فسنبتسم ونحن نراك واقفا أمام حشد من رواد الأعمال تتحدث وسط فريقك عن مشروعكم الجديد بتفاصيل لم تكن تتخيل أن تتحدث عنها يوما ما، فلديك الآن الفكرة + الفريق، ولم يعد الحفاظ على سرية الفكرة بالأهمية نفسها التي كانت لديك لأنك تملك أكثر منها الآن، مع أن ما كنت تخشاه -من سرقة أحد ما للفكرة- لا يزال واردا، ومع أنك تتحدث إلى أشخاص كثيرين، إلا أنك أصبحت أهدأ نفسيا..

ما هي قيمة الفكرة؟

الفكرة الجديدة التي تفكر فيها قيمتها الأولية هي في مساعدتها لك على إقناع الشركاء المناسبين فقط، بعد تحقيق ذلك سيتم حساب حصة لك في المشروع لمجرد أنك اقترحتها عليهم.. ثم يتم تقييم هذه الحصة بالمال عندما تنجح الفكرة في مساعدتك على إقناع المستثمرين، إذ يتم عندها تحديد المقابل المادي لكل حصة، وكلما زاد تقييم المشروع زادت القيمة المادية للفكرة.. مما يعني أن الفكرة بدون تحرك حقيقي منك على الأرض ستظل دون قيمة بالفعل، ومع العمل والتطوير تكتسب قيمتها الحقيقية..

هل فكرتك جديدة؟

في حوالي 9 من كل 10 مرات أسمع فيها فكرة يعتبرها صاحبها جديدة ومبتكرة أنتظر إلى أن ينتهي ثم أسأله “مثل مشروع كذا الموجود في دولة/محافظة كذا؟”، أو أقاطعه وأكمل كلامه لأشرح له بقية الفكرة ثم أخبره بأنني تعرفت على فريق (أو أكثر) يعمل على تنفيذ الفكرة بالفعل، وعندها يعرف أن من المهم أن يقوم بالبحث عنه ودراسة المرحلة التي وصل إليها.. وأعتقد أن المرات المتبقية (1 من 10) موجودة أو جاري تنفيذها لكنها خارج حدود علمي..

أن تكون الفكرة موجودة من قبل فهذا هو الأصل نظرا لتزايد عدد الشركات والمشاريع ولتزايد عدد المهتمين بالمشاريع ولتزايد فرص الاستثمار، وألا تكون على علم بذلك فهذا أيضا منطقي نظرا لعدم وجود مرجع يمكنك الرجوع إليه للتعرف على كل الأفكار في الأطوار المختلفة من تنفيذها في كل أنحاء العالم..

هل سرقة فكرتك يعني تنفيذها؟

لنفترض أن فكرتك جديدة ومبتكرة بالفعل، وأنه لم يتم تنفيذها في أي مكان من قبل.. في الحقيقة تمثل الفكرة أقل نسبة من المشروع، فبعدها يأتي العمل الشاق المتمثل في التأكد من جدواها وإقناع الشركاء والحصول على تمويل والعمل على إنشاء المشروع أو الإصدار الأول منه والتخطيط للتسويق ونزول السوق الخ، وكل من هذه الأمور يأخذ وقتا وجهدا أكثر بكثير من مرحلة الفكرة، مما يعني أن احتمال تنفيذ فكرتك عن طريق شخص عرفها منك هو احتمال ضئيل للغاية لما في ذلك من جهد (يتطلب المعرفة والخبرة) ووقت (يتطلب التفرغ) ومصروف (يتطلب المال)..

هل الفكرة الجديدة تضمن النجاح؟

ليس بالضرورة.. معظم المشاريع الكبيرة الناجحة لم يكن أصحابها أول ملاك لأفكارها، وإنما رأوا في المشاريع الموجودة قصورا يمكن علاجه وتطويرا ينبغي عمله فقاموا هم بذلك، من الأمثلة المشهورة للشركات “أوبر” التي أنشئت بعد عام من إنشاء “Magic Taxi” (ولم تنجح الأخيرة)، و”جوجل” التي أنشئت بعد العديد من محركات البحث وتفوقت عليهم جميعا (مثل infoseek وaltavista)، و”Whatsapp” التي جاءت بعد أجيال متعددة من برامج المحادثة (ارقدوا بسلام يا Yahoo Messenger وMSN Messenger وICQ)، ومحليا “كريم” التي أخذت فكرة “أوبر” إلى المنطقة، وفتكات التي ظهرت مع وجود عدة منتديات شبيهة (Hawaa World وSayidaty)، و”وظف” التي كانت امتدادا لعدة منصات توظيف سابقة (مثل Career Egypt)، وهكذا..

في المقابل لا ضمان لأن تنجح فكرة لمجرد أنها لم تنفذ من قبل، السوق فقط هو من سيحدد ما إذا كانت الفكرة الجديدة جيدة أم لا.. كثير من المشاريع ذات الأفكار الجديدة فشلت لأن الوقت لم يكن مناسبا لها (أو الفريق أو التمويل الخ)..

هل أطلب من الجميع توقيع اتفاقية عدم إفشاء للأسرار؟

قبل أن تخبره بفكرة مشروعك؟ لا تفعل ذلك.. هذا من شأنه أن يرسل ثلاث رسائل سلبية إلى من تطلب منه ذلك:
أولا أنك لم تقم بعمل أي شيء بعد وأنك لا تملك إلا الفكرة، مما يضع مشروعك في وضع غير مشجع..
ثانيا أنك شخص متشكك لا تثق بالآخرين، و-صدقني- لا أحد يحب التعامل مع المتشككين..
ثالثا أنك لا تثق في هذا الشخص أو هذه الجهة بالذات، وبهذا فأنت تصنع منهم أعداء بدلا من أن تكتسبهم في صفك..

ما الذي ينبغي أن أفعله؟

  1. ادرس السوق جيدا لتعرف ما إذا كانت الفكرة موجودة أم لا، ابحث بكل الطرق المتاحة لك من جوجل إلى المواقع المتخصصة في أخبار المشاريع إلى فيس بوك إلى سؤال معارفك وأصدقائك والmentors الذين تعرفهم عن المشاريع الجديدة والمنفذة في مجالات معينة، وجود منافسين يعطيك معلومات أكثر تساعدك في تطوير المشروع، وعدم وجودهم يعني أن الفكرة جديدة وقد تكون جذابة للمستثمرين..
  2. الحماية الحقيقية لفكرتك هي تنفيذها، كلما قطعت شوطا في إنشاء المشروع جعل ذلك تقليد الفكرة أصعب على غيرك.
  3. إذا تواصلت مع شخص ما أو جهة ما وكنت تتوقع أن يقوموا -لسبب أو لآخر- بالاستفادة من المعلومات التي تعطيهم إياها فاستخدم الرسائل سواء عن طريق الإيميل أو برامج المحادثة، هذه الضمانة هدفها طمأنتك أنت في المقام الأول حتى لا تكون قلقا وأنت تتحدث إليهم.
  4. في المراحل الأولى إذا كنت قد طورت الفكرة وخططت للتفاصيل الداخلية (المتعلقة بالتشغيل والتسويق والتطوير الخ) بشكل مبتكر وبأفكار جديدة أو كانت لك رؤية جديدة لما يمكن أن يتم تحقيقه في المستقبل فلا تتحدث عن تلك التفاصيل الداخلية عندما تتحدث عن الفكرة إلا أمام من تثق فيه وتحتاج إلى شيء منه (mentor تحتاج تقييمه أو مستثمر تحتاج إلى تمويله أو accelerator تحتاج إلى موافقته).. لا تخبر أحدا بشيء أكثر مما يحتاج إلى معرفته..
  5. في المراحل المتقدمة للمشروع إذا كنت سترسل بيانات تفصيلية عن الشركة وأرقامها فاختر من ترسل ذلك إليه جيدا، واطلب منه اتفاقية عدم إفشاء الأسرار، فأنت في هذه الحالة نشاط قائم ولديك معلومات تشغيلية تتمنى الشركات المنافسة الحصول عليها..

Last Updated on 08-07-2020

نقدم في "خضر وبزنس" استشارات في:

- تقييم الشركات

- تقسيم الحصص وحل مشاكل الشراكات

- تجهيز الشركات للاستثمار

- اختبار السوق في الأفكار الجديدة

- إنشاء المشاريع وتأسيس الشركات

- الإدارة المالية والتمويلية

- المشاكل والحلول الإدارية

- تجهيز الشركات للفرنشايز (الامتياز التجاري)

د. محمد حسام خضر خبير الإدارة والاستثمار ومؤلف كتاب "رائد الأعمال Inside Out"، أسس العديد من الشركات في مجالات مختلفة، وأسهم في إنشاء الكثير منها، ويقدم الاستشارات للشركات التقليدية والريادية.

للاستشارات تواصل معنا على واتس اب: +201006680032.

FacebookTwitterLinkedInYouTubeWhatsApp